مــــــــــــــلتقي الدعـــــــــــــــــــــــــــــــــــــيات الـي الله


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

مــــــــــــــلتقي الدعـــــــــــــــــــــــــــــــــــــيات الـي الله
مــــــــــــــلتقي الدعـــــــــــــــــــــــــــــــــــــيات الـي الله
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

أهم المشكلات التي تعاني منها الأمة في تعاملها مع القرآن

اذهب الى الأسفل

أهم المشكلات التي تعاني منها الأمة في تعاملها مع القرآن Empty أهم المشكلات التي تعاني منها الأمة في تعاملها مع القرآن

مُساهمة من طرف زهرة الأحد يناير 06, 2013 12:06 pm


ما الخلل في التعامل
مع القرآن مع كثرة الإقبال على حفظه وتعلمه وتعليمه ، وبذل الجهود المكثفة
لخدمة القرآن ؟ الواقع يجيب على هذا السؤال :




المشكلة الأولى :
التلاوة السطحية للقرآن : إن
القراءة السطحية للقرآن لا تعني أكثر من كلمات يرددها اللسان دون أن تؤثر
في واقع الفرد التأثير المطلوب ، فاهتمام القارئ أو الحافظ في الغالب يكون
منصباً على إتقان الحروف ، والحرص على إخراجها من مخارجها بشكل مبالغ فيه
ينسيه معنى الآية والتأمل فيها ، مثال ذلك : أن يردد آية { أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ } الرعد 28
. فيظل يكرر : ( تَطْمَئِنُّ ) للاطمئنان على مخرج الطاء هل كان صحيحاً أم
لا ، ولكن لو تواجهه مشكلة في حياته لم يطمئن قلبه بالمعنى !!!


لذا ينبغي إعادة النظر في طريقة تعاملنا مع القرآن ، وألا يكون محور
الاهتمام حول حروف القرآن وألفاظه ، وأن يكون القصد من التلاوة تحقيق
المعنى .


قال ابن تيمية : ولا يجعل همته فيما حُجِبَ به أكثرُ الناس من العلوم عن
حقائق القرآن؛ إما بالوسوسة في خروج حروفه وترقيقها وتفخيمها وإمالتها،
والنطق بالمد الطويل والقصير والمتوسط وغير ذلك؛ فإن هذا حائل للقلوب، قاطع
لها عن فهم مراد الرب من كلامه، وكذلك شُغْلُ النطق بـ {أأنذرتهم} وضم
الميم من (عليهم) ووصلها بالواو، وكسر الهاء، أو ضمها، ونحو ذلك، وكذلك
مراعاة النغم وتحسين الصوت، وكذلك تتبع وجوه الإعراب واستخراج التأويلات
المستكرهة التي هي بالألغاز والأحاجي أشبه منها بالبيان" انتهى كلامه .




فكل هذه الأمور مَنْ تجاوز فيها الحد فقد خرج عن المقصود منها؛ لأن المقصود
هو فهم المعنى، وهي وسيلة إليه؛ فإذا انشغلنا بهذه الأمور فقد شُغلنا عن
المقصود بالوسيلة ، ولأن اللفظ وسيلة لإدراك المعنى ، كان التوجيه النبوي
بالإكثار من تلاوته وتحفيز الناس على ذلك من خلال الثواب الكبير المترتب
على قراءته .


ولا يُفهم من هذا ترك تعلم التجويد ، أو ترك تعلُّم القراءة الصحيحة ، ولكن
نتجنب الغلو في ذلك فالنبي صلى الله عليه وسلم حذرنا من الغلو والجفاء،
فالغلو هو المبالغة في تعلم المخارج وضبطها، والجفاء هو الإعراض مطلقًا عن
تعلم ذلك، والتوسط والاعتدال هو تعلمها بما يعين على إقامة اللسان، وعدم
الوقوع في الخطأ، وجعل الهمة في تفهم معانيه.




المشكلة الثانية : حصر الاستفادة من القرآن :


ويعني ذلك أن تُحصر الاستفادة من القرآن في مجالات محدودة، فالبعض اتخذ القرآن طريقاً للكسب وباباً للأرزاق .


قال الحسن البصري رحمه الله : قُرَّاء القرآن ثلاثة أصناف : صنف اتخذوه
بضاعة يأكلون به ، وصنف أقاموا حروفه وضيعوا حدوده ، وصنف عمدوا إلى دواء
القرآن فوضعوه على داء قلوبهم فأولئك الذين يسقي الله بهم الغيث وينصر بهم
على الأعداء . انتهى كلامه .




ومن حصْر الاستفادة من القرآن أن البعض الآخر اعتبره وسيلة للعلاج الجسدي
فحسب ، وأما في غير هذه الحالة فلا شأن له بالقرآن ، ومن الواضح أننا لا
ننتقد هنا الاستفادة من القرآن في هذه المجالات، وإنما ننتقد قصرَ
الاستفادة منه على هذه الإطارات ، فالقرآن كتاب حياة ، يقول الله سبحانه : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُم } الأنفال 24 ،
ولذلك فإنه يجب الانتفاع من القرآن في كل مجالات الحياة، دون حد أو قيد ،
فلو اتخذنا القرآن منهجاً لحياتنا لحققنا بذلك الاستفادة الروحية والبدنية ،
ولكن للأسف هناك من يتعالج بالقرآن سنوات عدة ولايفقه مايقرأ من القرآن ،
أو مايُقرأ عليه ، بل إن بعض المرضى انشغل بمن آذاه من الحساد والسحرة ،
وترك العلاج الأساسي وهو علاج القلب ، بل ويردد على نفسه آيات لو نزلت على
الجبال لصدعتها ، ومع ذلك لايزداد إلا قسوة وبعداً !! فما السبب ؟!! بل إن
هناك من يسمع قوله تعالى : ( حسبنا الله ونعم الوكيل ) آل عمران 173 فيرددها ويحصرها في الدعاء على الآخرين ولا يستمتع بمعناها الواسع من الحفظ والكفاية والاستعانة ، ويسمع ( وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ) البقرة 102.وقد
يرددها على نفسه أو يسمعها من الراقي مراراً وتكراراً ، ولا يتغير فيه شيء
!! فأين تأثير هذه الكلمات على النفوس في قوة العقيدة والتعلق بالله ،
والعلم بأن قضاء الله وقدرته فوق كل شيء مما يزداد به الإيمان ويقوى به
اليقين .


ويتحمل بعض الرقاة شيئاً من مسؤولية عدم غرس العقيدة في قلوب الناس من خلال الآيات التي تُتلى .




المشكلة الثالثة : الاكتفاء بالعلم عن العمل :


وهذه من أعظم المشكلات ، والتي كان لها أكبر الأثر على واقع الأمة ، فأهل
العلم كثر ، والمتخصصون في القرآن وعلومه وتعليمه كثر ، ولكن طريقة التعامل
معه في تعلّمه وتعليمه كان لها أكبر الأثر ، فالبعض ممن تعلَّم وعلَّم لم
يتربَّ بهذا القرآن ؛ لذا فإن فاقد الشيء لايعطيه ، فالهدف من العلم هو
العمل ، والعلم ليس مجرد فهوم ذهنية ومناهج نظرية لارصيد لها في واقع
الحياة على الفرد والأمة ، فهذه الفهوم وهذه العلوم ستظل حبراً على ورق
مالم تتحول إلى نور حقيقي يضيء النفوس ؛ لذا فإن الواجب على الذين يقومون
بتدريس القرآن وعلومه ، وبخاصة التفسير ، أن يجعلوا جل اهتمامهم تربية
طلابهم بمعاني القرآن ، بحيث يغرسون تلك المعاني في نفوسهم ويفقِّهونهم
فيها ، ولكن قبل ذلك يجب أن يتفقهوا فيها هم أولاً ويعلموا المقصود منها ،
ويربّوا أنفسهم بمعانيها ، وهذا هو المنهج الرباني الذي سار عليه الرسول
صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعون من علماء السلف الصالح ، فالمربي هو
الذي يسعى إلى أن يصطبغ بصبغة هذا العلم ، فيعيش هذه الآيات ، وتمتزج بها
نفسه ، ومن هنا كان السلف يفهمون القرآن طريقاً للعمل، ومنهاجاً للمسير،
وهنا أنقل ماقاله الشيخ محمد المختار الشنقيطي حفظه الله إذ يقول :


عجباً أن تجد طالب علم له إلمام بمعاني القرآن ومغازيه ومراميه وتفسير
آياته، وبيان ما فيها، ومع ذلك تجده بعيداً عن التأثر بالقرآن، فهذا من
الشقاء والعياذ بالله. فلذلك ينبغي للإنسان إذا كان طالب علم أن يكون أسبق
الناس للتأثر بالقرآن، وأتِ بطالبي علم أحدهما عظيم التأثر بالقرآن، والآخر
قليل التأثر بالقرآن، تجد بينهما في الخلق والأدب والقول والعمل كما بين
السماء والأرض، تجد هذا لا يتكلم إلا بالقرآن، ولا يعمل إلا بالقرآن، وتجد
هذا بينه وبين القرآن غربة لا يعلمها إلا الله. فلذلك أحق من يتأثر بالقرآن
هم طلاب العلم، وأحق من يكون قريباً من القرآن هم طلاب العلم، سبحان الله!
تجد بعض العوام يتأثر بالقرآن أكثر من تأثر طلاب العلم، وتجد بعض العوام
يدمع ويخشع للقرآن أكثر من دمع وخشوع طلاب العلم .. . انتهى كلامه . أحق
الناس بالقرب من القرآن والعمل به محمد المختار الشنقيطي . الشبكة الإسلامية .


وهنا أذكر كلمات رائعة لابن القيم يقول فيها : فما أشدها من حسرة ، وما
أعظمها من غبنة على من أفنى أوقاته في طلب العلم ، ثم يخرج من الدنيا وما
فهم حقائق القرآن ، ولا باشر قلبه أسراره ومعانيه . انتهى .






المشكلة الرابعة : الاهتمامات الثانوية :


لأن أمتنا أهملت فهم لباب القرآن اندفعت في طريق البحث عن القشور، فصار
البعض يصرف الجهود على قضايا ثانوية ، كم عدد كلمات القرآن ؟ وكم حروفه ؟
وكم تكرر حرف الألف ؟ وكم تكرر حرف الباء ؟ وهكذا إلى آخر حروف الهجاء ،
وكذلك الاهتمام بأشخاص القصص القرآنية، وما الأعداد التي ذكرها الله في أهل
الكهف ؟ وهل تزوج يوسف عليه السلام امرأة العزيز ؟ ومن أكل من الشجرة
أولاً ، آدم عليه السلام أم حواء ؟ ومن الذي عنده علم الكتاب ؟ ....
والاشتغال بالتنقيب عن المبهمات التي لم يبينها القرآن ، وبقضايا تُنسي
الفرد الهدف الحقيقي ، في حين إن القرآن الكريم لم يكن يتتبع المنهج
التفصيلي التحليلي في حديثه عن السابقين وقصصهم وأخبارهم ، ولم يتوسع في
الحديث عن زمان أو مكان ؛ لأنه لم يستهدف إلا العبرة والفائدة ، ولم يستهدف
التفصيلات والتحليلات في أغلب الأحيان إلا عندما تُحقق بُعداً يعمق الهدف
الأساسي من نزول القرآن .




المشكلة الخامسة : الفهم المصلحي للقرآن :


ويعني ذلك : فهم آيات القرآن بشكل يخدم المصلحة الذاتية فيكون هناك اقتصار
على جانب معين من قيم القرآن وإهمال سائر الجوانب الأخرى .




مثال ذلك : من يحتج بآية { وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ ائْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي أَلاَ فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُواْ } التوبة 49 .فالآية
تتحدث عمن اتخذ الدين ستاراً لتسويغ الهروب من المسؤولية . وقد نزلت هذه
الآية في رجل اسمه الجد بن قيس عندما قال للرسول صلى الله عليه وسلم :
يارسول الله ، والله إن قومي ليعلمون أنه ليس فيهم أحد أشد عجباً بالنساء
مني ، وإني أخاف إن خرجت معك ألا أصبر إذا رأيت بنات الأصفر _ أي بنات
الروم _ فلا تفتني وأذن لي !! . فأنزل الله فيه الآية .


وهذا ليس مقتصراً على رجل تاريخي اسمه الجد بن قيس ، ولا بزمن معين اندثر
في طيات الماضي العتيق ، بل هو نموذج يتكرر في كل زمان ومكان ، ولكن بأنماط
وصور مختلفة ، فهناك من يعتذر عن تحمل مسؤولياته الدينية، بحجة أنهم
يخافون على أنفسهم من الانزلاق أو الضلال أو ما شابه ذلك !.




ومثال : قوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ } المائدة:105.
فهذه الآية صارت حجة للمقصرين في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فالبعض
يحتج بأن عليه أن يلتزم بالطاعة ، وأن يبتعد عن المحرمات ، لايضره فعل
غيره ، ولايلزمه دعوتهم ونصحهم ، ولايهمه فساد المجتمع وانحراف الناس .


يقول ابن كثير رحمه الله : وليس في الآية مستدل على ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .


روى الإمام أحمد عن قيس قال : قام أبو بكر الصديق رضي الله عنه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أيها الناس : إنكم تقرؤون هذه الآية ( ياأيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لايضركم من ضل إذا اهتديتم ) وإنكم
تضعونها على غير موضعها ، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (
إن الناس إذا رأوا المنكر ولا يغيرونه ، يوشك الله عز وجل أن يعمهم بعقابه
) فمعنى الآية : أنه من أصلح أمره لايضره فساد من فسد من الناس ، سواء كان
قريباً منه أو بعيداً . ابن كثير ص407 .




ولو تدبرنا الآية لوجدنا أن قوله : { إِذَا اهْتَدَيْتُمْ }
أي سرتم على الهداية بجميع فروعها، ومنها: الأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر، فإذا كان العبد صالحاً في نفسه فقد حقق جزءاً من الهداية، لكنه لم
يحقق الهداية كلها، لأنه لا يمكن أن يصير مهتدياً تماماً إلا إذا قام بهذا
الواجب العظيم وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فهذه الآية تأمر
بتربية النفس وإصلاحها؛ لتستقيم على طاعة الله، وتبتعد عن معصية الله،
وكذلك الإقبال على الآخرين ووعظهم ونصحهم وتذكيرهم بأمر الله عز وجل،
وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر.




ومثل احتجاج أهل الموالد بقوله تعالى : { قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ } يونس 58 .
يقولون : احتفالنا بمولده صلى الله عليه وسلم من باب الفرح بفضل الله ،
والجواب كما قال القرطبي رحمه الله : فضل الله القرآن ورحمته الإسلام ،
والفرح لذة في القلب بإدراك المحبوب ، فبذلك فليفرحوا : أي بالقرآن
وبالإسلام فليفرحوا . انتهى كلامه . الجامع (8/316) .
والفرح بالرسول الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم من ضمن الفرح
بالقرآن والإسلام ، ويكون باتباع هديه والسير على منهجه ، ليس الاحتفال
بمولده والابتداع في دينه .




فحالنا حال المتسول الذي لايحفظ إلا : { وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } البقرة 195 .


فاللاهث وراء الدنيا يردد : { وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنْ الدُّنْيَا } وينسى { وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ... } القصص 77 .




والغارق في الملذات يكرر : { قُلْ يَا عِبَادِي
الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ
اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ
الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }
الزمر53 . وأغفل قوله تعالى : { وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ } الزمر 54


والمبذرون يرددون { كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ } وتركوا { وَلا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي } طه81 .




والذي يعدد يكرر : { فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ } وينسى : { فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً } النساء3 . وفي المقابل النساء يكررن : { فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً ) ويغفلن عن : { فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ } فكلّ من الطرفين يأخذ من القرآن مايوافق هواه ولا يُحكِّم القرآن كله في حياته .


ولا يُفهم من هذا أننا لا نستشهد بهذه الآيات أو غيرها ، بل القرآن صالح
لكل زمان ومكان ، ولكن ينبغي ألا نقتصر على الآيات التي توافق هوانا ونترك
ماسواها .






المشكلة السادسة : عدم ربط الآيات بالواقع :




وهذا يعني أن البعض ممن يقرأ أو يحفظ القرآن لايربط الآيات بواقعه ، بل
لايشعر بأنه المقصود بالأمر أو التوجيه ، ودائماً يشعر أن الخطاب لغيره
وليس له هو !!






مثال ذلك في الجانب الاعتقادي : في قوله تعالى :{ وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ } البقرة 136. يفهم
البعض من هذه الآية التي تكررت بصيغ مختلفة في آيات عدة من القرآن الكريم
أن الله واحد أحد صمد ، لا شبيه يعادله ، ولا شريك يشاكله، و ما إلى ذلك من
معرفة الأدلة على وحدانية الله ، فتصبح القضية معرفة نظرية فقط ، لا ترتبط
بالواقع البشري من قريب ولا من بعيد، بل إنها مجرد قضية اعتقادية ترتبط
بعالم الغيب فقط .


ولكن الحقيقة أن قوله جل في علاه : { وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ }
منهج حياة متكامل ، فالآية عظيمة لمن جعلها شعاره في الحياة ، فهو واحد في
ذاته ، واحد في صفاته ، واحد في أفعاله ، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير
، فأين أثر هذه الآية على واقع من قرأها وعرفها ، ماهي الثمرة من تلك
المعرفة ؟ فلابد أن يكون لهذه الآية وغيرها من الآيات التي تتحدث عن
وحدانية الله أثر في قلب العبد ، وذلك باستشعار عظمة الله كما يليق بجلاله
وعلو شأنه وذاته ، مما يثمر تعظيم أمره ونهيه ، وأن يستشعر العبد وحدانية
الله مما يؤدي إلى تخليص قلبه من التعلق بالخلق ، والخوف منهم ، والرجاء
لهم ، ومن هنا ينبثق منهج كامل للحياة قائم على ذلك المنهج ، وهو منهج
عبادة الله وحده ، ومنهج الاتجاه إلى الله وحده في الرغبة والرهبة ، في
السراء والضراء ، في النعماء والبأساء ، فإذا استقر هذا الشعور في قلب
العبد أثناء قراءة هذه الآية وغيرها من الآيات التي تصور هذه الحقيقة ،
فستصحبه هذه الحقيقة ليصل القلب إلى درجة اليقين بالواحد الأحد والتعلق به
والتوكل عليه والمحبة له وهذا هو تحقيق معنى لاإله إلا الله .






ومن أمثلة عدم ربط الآيات بالواقع : في الجانب التاريخي : وذلك في تلقي قصص
القرآن الكريم باعتبارها قصصاً تاريخية الهدف منها ذاتها، من دون النفوذ
إلى العبر الكامنة وراءها، فهناك من يفهم التاريخ كأحداث مضت، ولهذا يتلقى
القصص القرآنية كقصص مرتبطة بذوات خاصة وأفراد معينين، دون اعتبارها رمزاً
ونموذجاً حياً يتكرر في كل زمان ومكان ، مع أن القصة القرآنية تتعامل مع
النفس البشرية في واقعيتها الكاملة ، وليست عملاً مجردًا عن الأغراض
التوجيهية ، بل هي وسيلة من وسائل القرآن الكثيرة إلى تحقيق أغراضه الدينية
،والتربية الربانية من جميع جوانبها العقلية والوجدانية والسلوكية ،عن
طريق علاج النفس البشرية علاجًا واقعيًا ، فالقصة القرآنية ليست غريبة عن
الطبيعة البشرية ، ولا محلقة في جو ملائكي محض ؛ إنما جاءت علاجًا لواقع
البشر ، وعلاج الواقع البشري لا يتم إلا بتصوير جانب الضعف والخطأ على
طبيعته ، ثم مقارنته بالجانب الآخر ، والذي تؤول إليه القصة بعد الصبر
والمكابدة والجهاد والمرابطة ، أو الذي ينتهي عنده المطاف لعلاج الضعف
والنقص والتردي البشري في مهاوي الشرك أو حمأة الرذيلة ، علاج ينهض بالهمم ،
ويدفع بالنفس للسمو ما استطاعت إلى ذلك سبيلا ، وعلى هذا فلابد أن ندرك أن
ما ورد في القرآن من قصص هي للعبرة ، وقصص القرآن نماذج حية في كل زمان
ومكان ، ومن الخطأ "التسمر" في فهم القرآن على أفراد معينين أو على زمن
معين ، بل يجب تطبيق القرآن تطبيقاً حياً على الواقع الذي نعيشه ، وعلى
الأفراد الذين نتعامل معهم ضمن هذا الواقع ، من الحاكم والمحكوم وسائر فئات
المجتمع .




قال تعالى : { لقد كان في قصصهم عبرة لأولى الألباب } يوسف: 111 ،
ولو تدبرنا هذه الآية لعرفنا أنه لن يستفيد من القصص القرآني ويتربى به
إلا كل ذي لب ، أعمل عقله في مقاصدها ونفذ إلى مراميها ، وإلا فما الذي
يجعلنا – نحن المسلمين - نملك هذا الملك العظيم وهو كتاب الله ، ثم نبحث عن
التربية في مناهج أخرى !!!




فالفهم الواقعي للقرآن الكريم يجعله ينبض بالحياة وكأن آياته قد هبطت للتو واللحظة .






هذه هي أهم المشكلات في نظري من خلال مالمسناه في واقعنا ؛ وعلى هذا فمن
الطبيعي بعدئذ أن نبحث عن قيم الحياة ومناهج الحياة وتعاليم الحياة
المزعومة ، في أماكن أخرى غير القرآن ، بل ونكثف الجهود بحثاً فيها عن علاج
المشكلات الحاضرة ، سواء المشكلات الفردية أو المشكلات الاجتماعية
.
زهرة
زهرة
Admin
Admin

عدد المساهمات : 163
تاريخ التسجيل : 22/09/2012

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى