سورة الهمزة من تفسير الظلال
مــــــــــــــلتقي الدعـــــــــــــــــــــــــــــــــــــيات الـي الله :: ملتقــــــــــــــي القــــران الكريم وعلومه :: قــــــــــــسم تفـــســــــــــــــير اـلقــــــــــــــران الكريم
صفحة 1 من اصل 1
سورة الهمزة من تفسير الظلال
سورة الهمزة
مكيّة وآياتها تسع
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1) الَّذِي جَمَعَ مالاً وَعَدَّدَهُ (2) يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ (3) كَلاَّ لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4)
وَما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ (5) نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7) إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ ( فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (9)
تعكس هذه السورة صورة من الصور الواقعية في حياة الدعوة في عهدها الأول. وهي في الوقت ذاته نموذج يتكرر في كل بيئة
.. صورة اللئيم الصغير النفس ، الذي يؤتى المال فتسيطر نفسه به ، حتى ما يطيق نفسه! ويروح يشعر أن المال هو القيمة العليا
في الحياة. القيمة التي تهون أمامها جميع القيم وجميع الأقدار : أقدار الناس. وأقدار المعاني. وأقدار الحقائق. وأنه وقد ملك المال فقد
ملك كرامات الناس وأقدارهم بلا حساب! كما يروح يحسب أن هذا المال إله قادر على كل شيء لا يعجز عن فعل شي ء! حتى دفع الموت
وتخليد الحياة. ودفع قضاء اللّه وحسابه وجزائه إن كان هناك في نظره حساب وجزاء! ومن ثم ينطلق في هوس بهذا المال يعده ويستلذ
تعداده وتنطلق في كيانه نفخة فاجرة ، تدفعه إلى الاستهانة بأقدار الناس وكراماتهم. ولمزهم وهمزهم .. يعيبهم بلسانه ويسخر منهم بحركاته.
سواء بحكاية حركاتهم وأصواتهم ، أو بتحقير صفاتهم وسماتهم .. بالقول والإشارة. بالغمز واللمز. باللفتة الساخرة والحركة الهازئة! وهي
صورة لئيمة حقيرة من صور النفوس البشرية حين تخلو من المروءة وتعرى من الإيمان. والإسلام يكره هذه الصورة الهابطة من
صور النفوس بحكم ترفعه الأخلاقي. وقد نهى عن السخرية واللمز والعيب في مواضع شتى. إلا أن ذكرها هنا
بهذا التشنيع والتقبيح مع الوعيد والتهديد ، يوحي بأنه كان يواجه حالة واقعية من بعض المشركين تجاه رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم
- وتجاه المؤمنين .. فجاء الرد عليها في صورة الردع الشديد ، والتهديد الرعيب. وقد وردت روايات بتعيين بعض الشخصيات. ولكنها ليست وثيقة. فنكتفي نحن بما قررناه عنها ..
والتهديد يجيء في صورة مشهد من مشاهد القيامة يمثل صورة للعذاب مادية ونفسية ،
وصورة للنار حسية ومعنوية. وقد لوحظ فيها التقابل بين الجرم وطريقة الجزاء وجو العقاب. فصورة الهمزة اللمزة ،
الذي يدأب على الهزء بالناس وعلى لمزهم في أنفسهم وأعراضهم ، وهو يجمع المال فيظنه كفيلا بالخلود!
صورة هذا المتعالي الساخر المستقوي بالمال ، تقابلها صورة «المنبوذ» المهمل المتردي في «الحطمة» التي
تحطم كل ما يلقى إليها ، فتحطم كيانه وكبرياءه. وهي «نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ» وإضافتها للّه وتخصيصها هكذا يوحي بأنها نار فذة
، غير معهودة ، ويخلع عليها رهبة مفزعة رعيبة. وهي «تَطَّلِعُ» على فؤاده الذي ينبعث منه الهمز واللمز ،
وتكمن فيه السخرية والكبرياء والغرور .. وتكملة لصورة المحطم المنبوذ المهمل .. هذه النار مغلقة عليه ، لا ينقذه منها أحد ،
ولا يسأل عنه فيها أحد! وهو موثق فيها إلى عمود كما توثق البهائم بلا احترام! وفي جرس الألفاظ تشديد :
«عَدَّدَهُ. كَلَّا. لَيُنْبَذَنَّ. تَطَّلِعُ. مُمَدَّدَةٍ» وفي معاني العبارات توكيد بشتى أساليب التوكيد : «لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ.
وَما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ؟ نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ ..» فهذا الإجمال والإبهام. ثم سؤال الاستهوال. ثم الإجابة والبيان .
.
كلها من أساليب التوكيد والتضخيم .. وفي التعبير تهديد «وَيْلٌ. لَيُنْبَذَنَّ. الْحُطَمَةِ .. نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ.
الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ. إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ. فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ» ..
وفي ذلك كله لون من التناسق التصويري والشعوري يتفق مع فعلة «الهمزة اللمزة»!
لقد كان القرآن يتابع أحداث الدعوة ويقودها في الوقت ذاته. وكان هو السلاح البتار الصاعق الذي يدمر كيد الكائدين ،
ويزلزل قلوب الأعداء ، ويثبت أرواح المؤمنين.
وإنا لنرى في عناية اللّه سبحانه بالرد على هذه الصورة معنيين كبيرين :
الأول : تقبيح الهبوط الأخلاقي وتبشيع هذه الصورة الهابطة من النفوس.
والثاني : المنافحة عن المؤمنين وحفظ نفوسهم من أن تتسرب إليها مهانة الإهانة ،
وإشعارهم بأن اللّه يرى ما يقع لهم ، ويكرهه ، ويعاقب عليه .. وفي هذا كفاية لرفع أرواحهم واستعلائها على الكيد اللئيم .
في ظلال القرآن
مكيّة وآياتها تسع
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1) الَّذِي جَمَعَ مالاً وَعَدَّدَهُ (2) يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ (3) كَلاَّ لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4)
وَما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ (5) نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7) إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ ( فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (9)
تعكس هذه السورة صورة من الصور الواقعية في حياة الدعوة في عهدها الأول. وهي في الوقت ذاته نموذج يتكرر في كل بيئة
.. صورة اللئيم الصغير النفس ، الذي يؤتى المال فتسيطر نفسه به ، حتى ما يطيق نفسه! ويروح يشعر أن المال هو القيمة العليا
في الحياة. القيمة التي تهون أمامها جميع القيم وجميع الأقدار : أقدار الناس. وأقدار المعاني. وأقدار الحقائق. وأنه وقد ملك المال فقد
ملك كرامات الناس وأقدارهم بلا حساب! كما يروح يحسب أن هذا المال إله قادر على كل شيء لا يعجز عن فعل شي ء! حتى دفع الموت
وتخليد الحياة. ودفع قضاء اللّه وحسابه وجزائه إن كان هناك في نظره حساب وجزاء! ومن ثم ينطلق في هوس بهذا المال يعده ويستلذ
تعداده وتنطلق في كيانه نفخة فاجرة ، تدفعه إلى الاستهانة بأقدار الناس وكراماتهم. ولمزهم وهمزهم .. يعيبهم بلسانه ويسخر منهم بحركاته.
سواء بحكاية حركاتهم وأصواتهم ، أو بتحقير صفاتهم وسماتهم .. بالقول والإشارة. بالغمز واللمز. باللفتة الساخرة والحركة الهازئة! وهي
صورة لئيمة حقيرة من صور النفوس البشرية حين تخلو من المروءة وتعرى من الإيمان. والإسلام يكره هذه الصورة الهابطة من
صور النفوس بحكم ترفعه الأخلاقي. وقد نهى عن السخرية واللمز والعيب في مواضع شتى. إلا أن ذكرها هنا
بهذا التشنيع والتقبيح مع الوعيد والتهديد ، يوحي بأنه كان يواجه حالة واقعية من بعض المشركين تجاه رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم
- وتجاه المؤمنين .. فجاء الرد عليها في صورة الردع الشديد ، والتهديد الرعيب. وقد وردت روايات بتعيين بعض الشخصيات. ولكنها ليست وثيقة. فنكتفي نحن بما قررناه عنها ..
والتهديد يجيء في صورة مشهد من مشاهد القيامة يمثل صورة للعذاب مادية ونفسية ،
وصورة للنار حسية ومعنوية. وقد لوحظ فيها التقابل بين الجرم وطريقة الجزاء وجو العقاب. فصورة الهمزة اللمزة ،
الذي يدأب على الهزء بالناس وعلى لمزهم في أنفسهم وأعراضهم ، وهو يجمع المال فيظنه كفيلا بالخلود!
صورة هذا المتعالي الساخر المستقوي بالمال ، تقابلها صورة «المنبوذ» المهمل المتردي في «الحطمة» التي
تحطم كل ما يلقى إليها ، فتحطم كيانه وكبرياءه. وهي «نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ» وإضافتها للّه وتخصيصها هكذا يوحي بأنها نار فذة
، غير معهودة ، ويخلع عليها رهبة مفزعة رعيبة. وهي «تَطَّلِعُ» على فؤاده الذي ينبعث منه الهمز واللمز ،
وتكمن فيه السخرية والكبرياء والغرور .. وتكملة لصورة المحطم المنبوذ المهمل .. هذه النار مغلقة عليه ، لا ينقذه منها أحد ،
ولا يسأل عنه فيها أحد! وهو موثق فيها إلى عمود كما توثق البهائم بلا احترام! وفي جرس الألفاظ تشديد :
«عَدَّدَهُ. كَلَّا. لَيُنْبَذَنَّ. تَطَّلِعُ. مُمَدَّدَةٍ» وفي معاني العبارات توكيد بشتى أساليب التوكيد : «لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ.
وَما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ؟ نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ ..» فهذا الإجمال والإبهام. ثم سؤال الاستهوال. ثم الإجابة والبيان .
.
كلها من أساليب التوكيد والتضخيم .. وفي التعبير تهديد «وَيْلٌ. لَيُنْبَذَنَّ. الْحُطَمَةِ .. نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ.
الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ. إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ. فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ» ..
وفي ذلك كله لون من التناسق التصويري والشعوري يتفق مع فعلة «الهمزة اللمزة»!
لقد كان القرآن يتابع أحداث الدعوة ويقودها في الوقت ذاته. وكان هو السلاح البتار الصاعق الذي يدمر كيد الكائدين ،
ويزلزل قلوب الأعداء ، ويثبت أرواح المؤمنين.
وإنا لنرى في عناية اللّه سبحانه بالرد على هذه الصورة معنيين كبيرين :
الأول : تقبيح الهبوط الأخلاقي وتبشيع هذه الصورة الهابطة من النفوس.
والثاني : المنافحة عن المؤمنين وحفظ نفوسهم من أن تتسرب إليها مهانة الإهانة ،
وإشعارهم بأن اللّه يرى ما يقع لهم ، ويكرهه ، ويعاقب عليه .. وفي هذا كفاية لرفع أرواحهم واستعلائها على الكيد اللئيم .
في ظلال القرآن
زهرة- Admin
- عدد المساهمات : 163
تاريخ التسجيل : 22/09/2012
مواضيع مماثلة
» تفسير سورة والشمس
» تفسير سورة والليل
» تفسير سورة والضحى
» تفسير سورة عبس (السعدي)
» تفسير سورة الطارق(السعدي)
» تفسير سورة والليل
» تفسير سورة والضحى
» تفسير سورة عبس (السعدي)
» تفسير سورة الطارق(السعدي)
مــــــــــــــلتقي الدعـــــــــــــــــــــــــــــــــــــيات الـي الله :: ملتقــــــــــــــي القــــران الكريم وعلومه :: قــــــــــــسم تفـــســــــــــــــير اـلقــــــــــــــران الكريم
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى